المقالات العلمية
ما مدى تأثير توقيت تناول البروتين على البناء العضلي؟ وهل النافذة البنائية أحجية تم حلها واثبتت الدراسات أهميتها لضمان البناء العضلي؟
- أكتوبر 2, 2022
- الناشر: Layla Shehabi
- التصنيف: مقالات علمية
طرحت مجلة الجمعية الدولية للتغذية الرياضية موضوع حول تناول البروتين ضمن بروتوكولات ومنهجيات معينة وبتوقيت معين قد يساعد على تطوير أداء الاعب على مستوى البناء العضلي وتحسين أداءه الرياضي وتغيير التكوين الجسماني. وتطرقت إلى أن بجانب احتواء الوجبة على كل من العناصر الأساسية (البروتين والكربوهيدرات والدهون)، فمعرفة التوقيت المناسب لتناولها عامل مهم وفعال لتطوير الجوانب التي تم ذكرها أعلاه
كما أوضحت المجلة أنه خلال السنوات الماضية، أصبح موضوع توقيت تناول البروتين وغيرها من العناصر من المواضيع التي أولتها الأوراق البحثية اهتماما كبيرا، حيث إن بعض الدراسات أظهرت إلى أن اتباع استراتيجيات منظمة لتوقيت تناول البروتين والكربوهيدرات من شأنه إيجاد تأثير إيجابي وملحوظ على التكوين الجسماني، لا سيما فيما يتعلق بزيادة الكتلة العضلية الخالية من الدهون، وأشارت أن حديث اليوم يتمحور حول التوقيت الذي قد يكون أهم بكثير من إجمالي كميات المدخول اليومي المطلق من العناصر الغذائية
وفي الإطار ذاته، هناك مجموعة دراسات تدعم فكرة أهمية البروتين بعد التمرين مقارنة بالأبحاث التي تناولت في منهجياتها بجانب الغذاء، إعطاء المشاركين والمتطوعين دواء وهمي، استنادا على أن أهمية التوقيت تقع ضمن الفترة الزمنية بعد التمرين التي يقوم فيها الجسم بعمليات تخليق البروتين، حيث إن الأحماض الأمينية الموجودة في البروتين هي التي تساعد وتعزز من هذه العملية، وهذا ما لا يستطيع تحقيقه عند تناول الدواء الوهمي
بصفة عامة من المتعارف عليه في علوم التغذية الرياضية أن تحديد الوقت لتناول البروتين ممكن اعتباره من أساسيات تصميم البرامج الغذائية للاعبين المحترفين، إذ أن الغالب يؤكد وجود نافذة بنائية مفتوحة بعد التمرين، ولكن الأمر لا يمكن اعتباره بهذه السهولة لتعميم هذا المفهوم، خاصة في الوسط الرياضي بالتحديد للرياضيين الممارسون لتمارين المقاومة
وتجدر الإشارة هنا إلى أن تناول البروتين في توقيت محدد له أهمية عالية في الوظائف الحيوية والبناء العضلي، وفي ضوء ذلك، يبقى السؤال المطروح جلياً حول مدى تأثير توقيت تناول البروتين على عملية البناء العضلي؟ وهل فعلا توجد نافذة بنائية (مفتوحة) بعد الانتهاء من التمرين، وهل يفترض على الاعب تناول وجبة تحتوي على البروتين لضمان البناء العضلي؟
أشارت إحدى المراجعات أن المغذيات الكبيرة تلعب دورا مهما على كل من مستويات البناء العضلي وزيادة القوة العضلية وإمداد الجسم بالطاقة والتكيف العضلي، حيث أن كل من البروتين والكربوهيدرات مغذيات أساسية، وعليه فقد ناقشت الدراسة مدى تأثير تناول البروتين على التكيف العضلي تحديدا بعد التمرين، ومدى صحة أهمية النافذة البنائية بعد التمرين
وإضافة إلى ما سبق إن توقيت تناول البروتين مهم في الحد أو التخفيف من عملية الهدم للعضلات من جراء التمارين الرياضية خاصة العالية الشدة، فمن المعروف بأن أساس تكوين العضلات هي البروتينات، بل أن للبروتين دور رئيسي في التخفيف أو خفض مستويات عمليات الهدم، بل وله دور كبير في تجديد خلايا وأنسجة الجسم، فوجبة ما بعد التمرين يجب أن تحتوي على كمية مناسبة من البروتين، والسبب يعود إلى قدرة البروتين في ترميم الألياف العضلية التالفة من التمارين الرياضية العالية الشدة
وبجانب البروتين يأتي دور كمية الكربوهيدرات والتي بدورها لها القدرة على رفع نسب الإنسولين وإعادة تعبئة مخازن الجلايكوجين(الكربوهيدرات المخزنة في الجسم)، وذلك بسبب ارتفاع عمليات الهدم العضلي بعد التمرين نسبيا، ولكن سرعان ما يقوم الجسم بالحد منه
كما أن إحدى الدراسات ضمن المراجعة قارنت بين الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام بعد تناول وجباتهم (عدد وجبات محددة خلال اليوم) مع الأشخاص الذين يمارسون التمارين الرياضية في فترة الصيام أو على معدة خاوية إن صح التعبير، تبين أن من يمارسون الرياضة على معدة خاوية، ترتفع لديهم مستويات الهدم العضلي بعد تمارين المقاومة وهذا يعود إلى قلة البروتين داخل العضلات وحدوث التوازن السلبي
ومن الجدير بالذكر أن التوصيات العامة المتفق عليها لتناول البروتين للأشخاص الذين يكون معدل الحركة لديهم منخفض هو ٠.٨ غ/كيلو/يوم وهذه الكمية التي تقيهم من التوازن السلبي للنيتروجين، ولكن ذلك لا ينطبق على الأشخاص الذين يكون معدل الحركة لديهم عالي ومرتفع، حيث أن الأبحاث تشير إلى أن الأشخاص الذين يمارسون تمارين المقاومة بجهد عالي يحتاجون إلى كميات أعلى بكثير من الآخرون، وقد تصل التوصيات إلى ضعف الكمية التي ذكرناها أعلاه، حيث يتراوح ما بين ١.٧غ – ١.٤غ/كيلو/يوم وهذا من شأنه المحافظة على توازن النيتروجيني
وفي ذات السياق، أوضحت المراجعات لدراسة تلوية أن الأدلة المتاحة لا تدعم فكرة تناول البروتين بشكل فوري بعد التمرين وأن المدة الزمنية يجب أن لا تتجاوز الساعة بعد تمارين المقاومة، وإنها لا تدعم نظرية تطوير التكيف وزيادة القوة والتضخيم أو البناء العضلي، وذلك يعود إلى نتائج التحليل التلوي الذي أشار إلى انه لم تكن هناك أي دلالات يمكن الارتكاز عليها للتعميم بأن التوقيت كان هو العامل الرئيسي للتغير، حيث قد تكون أيضا الكميات لها دور في ذلك
إضافة إلى ما سبق، هناك العديد من الدراسات التي قامت بالتحقق المباشر بشأن تأثير تناول البروتين بعد ممارسة التمارين الرياضية على المدى الطويل في عمليات البناء العضلي والتضخيم العضلي، وكانت النتائج بين هذه الدراسات متضاربة ومختلفة، والسبب يعود إلى المنهجيات المتبعة للبحث وتصميم الدراسة وعدد عينات البحث والمدة الزمنية التي استغرقتها، بالإضافة إلي الأدوات والمعدات التي استخدمت في كل بحث. وعلاوة على ذلك أن أغلب هذه الدراسات استخدمت مكملات البروتين قبل وبعد التمرين، مما لذلك أثر على النتائج التي سيصل لها البعض، وهذا الأمر يُصعب فهم ما إن كان التأثير هو بفضل الغذاء الذي تم تناوله أم بفضل المكملات الغذائية. وفي الإطار ذاته، يصبح من الصعب تحديد أو استنتاج ما إن كان هناك حقا نافذة بنائية بعد التمرين
ومن خلال تحليل أدبيات الموضوع فإن الأدلة المتاحة حاليا، لا تقطع الشك باليقين فتناول كميات من البروتين سواء قبل تمارين المقاومة أو بعدها قد يكون له نفس التأثير على البناء العضلي وإن تناول كميات من البروتين بعد التمرين تحديدا، (على افتراض وجود نافذة بنائية مفتوحة) ليس بالضرورة أن يكون له تأثير على البناء العضلي وبروزها بحجم أكبر، بل أشارت إلى أن فرصة التكيف العضلي والبناء من خلال هذه النافذة قد تكون متساوية على حدٍ سواء، قبل التمرين بساعة واحدة أو بعد التمرين بساعة واحدة، بل يمكن القول أنه ربما قد تكون هذه النافذة مدتها تتجاوز أكثر من الساعة (خاصة بعد التمرين)
ومن هذا المنطلق، نستنتج مما تم ذكره من مجلة الجمعية الدولية للتغذية الرياضية وما ذكرته المراجعة للدراسة التلوية، بأن أهمية البروتين ليست مقتصرة فقط على توقيت تناولها ضمن سياق قبل التمرين أو بعد التمرين، فالجسم يكون في حالة بناء وهدم خلال اليوم كاملا ولا تقتصر العملية البنائية على نافذة محددة ضمن مدة زمنية معينة، ولكن وجود عنصر البروتين قبل وبعد التمرين قد يكون مهما وذلك من أجل خلق التوازن البروتيني للعضلات قبل التمرين وإعادة ترميم الألياف التالفة بعد التمرين
كتبت
ليلى شهابي – اختصاصية تغذية رياضية
المراجع والمصادر
https://jissn.biomedcentral.com/articles/10.1186/1550-2783-10-5?optIn=false